القائمة
تفاصيل المدونة
مشروع الممر الاقتصادي منافس شديد لمبادرة الحزام والطريق
حين أطلق الصينيون مبادرة "الحزام والطريق" قبل عشر سنوات أرادوا من خلالها التوسع الاقتصادي عالميًا، وربط الصين ودول آسيا عمومًا بأوروبا لتقديم صورة جديدة للصين وضمان تدفق البضائع الصينية إلى مختلف الأسواق عبر العالم.
لكن منذ اطلاقها واجهت المبادرة تحديات في تنفيذها بسبب تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني وتعثر المشاريع مع عجز الدول المدينة عن سداد القروض الصينية، وهناك على الطرف الآخر كانت تعمل الولايات المتحدة الأمريكية لمحاولة الابتعاد عن هيمنة الصين الصناعية، وبدورها غيرت اتجاه بوصلتها إلى "الهند"، لتكون مركز تصنيع وتجميع وخيار بديل عن الصين للمصانع والشركات الأمريكية، ولضمان وصول البضائع من آسيا ومن الهند إلى الاسواق العالمية بعيداً عن الصين، جاءت مبادرة "الممر الاقتصادي" التي أُعلن عنها في مؤتمر قمة مجموعة العشرين الأخير في دلهي.
حيث تم الإعلان عنها في قمة مجموعة العشرين عبر مذكرة تفاهم لإنشاء ممر اقتصادي يعرف بـ IMEC اختصاراً لـ بين الهند والشرق الأوسط و أوروبا، ويتكون من ممرين منفصلين أحدهما شرقي بحري سيمتد من موانئ الهند إلى الإمارات عبر بحر العرب، و ممر بري شمالي سيعبر السعودية بالسكك الحديدية وصولاً إلى البحر المتوسط ومنه إلى أوروبا، سيساهم المشروع بتطوير وربط شبكات ضخمة من البنية التحتية لخطوط السكك الحديدية وربط الموانئ.
الهدف من الممر الاقتصادي توفير روابط لوجستية بين الدول المشاركة فيه لتحقيق التكامل الاقتصادي حيث وصف الحدث بأنه محوري وتحولي في الخريطة اللوجستية العالمية، فمن خلال بناء شبكات طرق وسكك حديدية وتطوير الموانئ سيزداد تدفق السلع بين الدول المشاركة مما يساهم في تحقيق أهداف الرؤية 2030 لتكون المملكة قلب الخريطة اللوجستية، و ستزيد من الفرص الاستثمارية والشراكات مما سيخلق حراك اقتصادي مُذهل، وستكون المنافع مشتركة إذا تتوقع الهند أن هذا الممر سيزيد من تبادلها التجاري مع أوروبا بنسبة 40%
وذكر الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية وقائد رؤيتها أن المشروع سيسهم في تطوير وتأهيل البنية التحتية، إذ سيقوم المشروع على 3 أمور مهمة أولها السكك الحديدية وسيتم دمج خطوط السكك الحديدية والموانئ واتصالات الموانئ من الهند و السعودية والخليج العربي وأوروبا، ثانياً تطوير البنى التحتية للطاقة وتمكين إنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر، أما الأمرالثالث يهدف إلى تعزيز الاتصالات ونقل البيانات من خلال إنشاء كابل جديد تحت البحر يربط دول الممر.
من المتوقع زيادة حدة المنافسة بين الممر الاقتصادي و مبادرة الحزام والطريق إذا يتفوق الصينيون بالبنية التحتية ومصادر توريد التصنيع والوصول إلى المواد الخام، ألا أن الخطة المقدمة عن الممر الاقتصادي تشير أنه سيكون منافس شديد لتلك المبادرة ولو أنها ستحتاج وقت ليس بالقصير لتصل لكفاءة العمل الصيني، فهل حقًا "ستتغير قواعد اللعبة" كما قال عنها بايدن، لا شك بأن مشروع الممر الاقتصادي سوف يقلل من أهمية المبادرة الصينية أو سيدفعها للإستعجال بإكمال تنفيذه، ونتيجة النجاح المحتمل لمشروع الممر الاقتصادي قد يؤدي إلى نقل الإهتمام من الصين إلى الهند والشرق الأوسط، كما ستعزز من الإرتباط التجاري بين دول آسيا والشرق الأوسط وأوروبا.
ولعلنا عندما نرى خط سير "مبادرة الحزام والطريق" الصينية، ومشروع "الممر الاقتصادي" نلاحظ الأهمية الإستراتيجية الكبرى لموقع المملكة العربية السعودية للتجارة الدولية، حيث انهما يمران عبر المملكة وتمثل المملكة نقطة استراتيجية لا يمكن الالتفاف حولها في خطوط سيرهم، ولو افترضنا جدلاً أن كلا المشروعين كُتب لهم النجاح، فـ المملكة ستكون من أكبر المستفيدين من هذه المنافسة الشديدة بين أكبر اقتصادات العالم، الولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية الصين الشعبية، ولعل هذه القراءة تبرز لنا لماذا كانت الخدمات اللوجستية وسلاسل الإمداد هي الركن الثالث من ركائز تحقيق رؤية المملكة 2030.
إشتراك النشرة الأخبارية
كنّ على اطلاع على آخر الأخبار اللوجستية عالمياً و محلياً
© 2024 mkhdoom. جميع الحقوق محفوظة.